كيف يمكن أن تتأثر حاستنا السمعية بأعيننا

بقلم : ريتش هاريدي

كشف بحث جديد أن النظر في اتجاه الصوت يعزز الإنتباه السمعي

يقترح بحث جديد بأن قدراتنا على سماع شيء ما بشكل فعال تتأثر بشكل ما باتجاه نظرنا. وجدت الدراسة التي قادتها جامعة بوسطن أن الإنتباه السمعي يبدو متشابكاً بشكل أساسي مع الإنتباه المكاني البصري. بتعبير آخر،قد يساعدك النظر إلى مصدر الصوت على سماعه بشكل أفضل.

في أوائل الخمسينات من القرن الماضي، طرح العالم المعرفي كولين شيري سؤالاً بسيطاً مخادعاً : كيف نفهم ما يقوله شخص ما عندما يتحدث الآخرون في نفس الوقت؟ أطلق شيري على هذه المشكلة اسم "مشكلة حفلة الكوكتيل"، وبعد أكثر من نصف قرن لا يزال الباحثون يعملون على إيجاد الإجابة.

اقترحت العديد من النماذج الافتراضية المقترحة على مر السنين أن حاسة الرؤية تلعب دوراً مهماً في المساعدة على توجيه انتباهنا السمعي. تم التوصل إلى أن حركات الشفاه والوجه تعزز قدرات المعالجة السمعية لدى الشخص، وخاصة لمن يعانون من صعوبات في السمع. لكن يبقى سؤال مهم: هل النظر في اتجاه معين يوجه انتباهنا السمعي فعلياً إلى نفس الاتجاه؟

وجدت دراسة مثيرة للاهتمام في عام 2018 قام بها علماء أعصاب في جامعة ديوك وجود صلة غريبة بين حركة العين والاهتزازات في طبلة الأذن. حتى في حالة عدم وجود أي صوت، رأى الباحثون تنسيقاً واضحاً بين العينين والأذنين، مما يشير إلى أن طبلة الأذن لدينا تستجيب من الناحية الفسيولوجية إلى المعلومات المكانية بالاقتران مع ما ننظر إليه في أي لحظة محددة.

تقدم دراسة جديدة قادتها فرجينيا بست من جامعة بوسطن، بعضاً من أوضح الأدلة حتى الآن حول كيفية تأثر انتباهنا السمعي بأعيننا. انطلق عمل بست لإعادة النظر في "مشكلة حفلة الكوكتيل" لدى شيري من خلال محاكاة سيناريو يكون الشخص فيه ضمن مجموعة من عدة أشخاص، مع وجود متحدثين متعددين يتنافسون على جذب الانتباه.

تشرح بست قائلة: "كان دافعنا الأساسي هو الحدس بأن العين قد تكون بموضع حرج بشكل خاص في هذه المواقف، حيث يوجد إخفاء قوي وفعال للمعلومات. كان الدافع الثانوي هو اهتمامنا بالتشكيل الشعاعي الموجه بصرياً، حيث يتم استخدام العينين لتوجيه سماعات أذن تعمل بالتوجيه العالي الدقة."

"أظهرت العديد من الدراسات الصوتية أن اتجاه عينيك يحدد مكان توجيه انتباهك البصري المكاني، مما يؤثر تلقائياً على انتباهك السمعي المكاني."

وضع البحث أشخاصاً أمام خمسة مكبرات صوت وتم التشغيل بتسلسل أرقام من مكبرات صوت مختلفة. في بعض الأحيان، تم توجيه الأشخاص للنظر إلى مكبر الصوت الذي يصدر منه الصوت، وفي أحيان أخرى تم توجيههم للتركيز بصرياً على مكبر صوت صامت.

عندما طلب منهم إعادة تكرار تسلسل الأرقام، رأى الباحثون نتائج أفضل عندما كان الأشخاص ينظرون مباشرة إلى مكبر الصوت الذي يصدر منه الصوت. عند تثبيت عيون الشخص على مكبر صوت صامت، كان الأداء يتأثر.

– صورة-

كتبت بست في دراستها المنشورة حديثاً:"توضح هذه النتيجة تاثير موضع اتجاه العين في حالة إختلاط الأصوات المتعددة، حتى في حالة عدم وجود المعلومات المرئية (قراءة الشفاه، وما إلى ذلك)، وتشير الى أن الأداء الأمثل يعتمد على المحاذاة المكانية بين الانتباه السمعي والإنتباه البصري."

يشير هذا النوع من البحث الى أن الانتباه السمعي والبصري متشابكان بشكل أساسي وتقترح بست أن المعالجة السمعية المثلى تتطلب درجة من المحاذاة المكانية بين الأذنين والعينين.

توضح بست:"فكرتنا قابلة للتطبيق نظرياً على أي موقف توجد فيه أصوات متنافسة، بما في ذلك الحفلات والمطاعم وغرف الاجتماعات. السبب في قضاء الكثير من الوقت في دراسة هذه المواقف هو أنها صعبة للغاية للأشخاص الذين يعانون من ضعف السمع ويستخدمون سماعات أذن."

نشرت هذه الدراسة في  Journal of the Acoustical Society of America