لا يستطيع المكفوفون رؤية اللون ولكنهم يفهمونه بنفس طريقة الأشخاص المبصرين

December 2021

 

باحثو جامعة جونز هوبكنز يقلبون مقولة أن المكفوفين يفتقرون إلى المعرفة العميقة بالظواهر البصرية

لم يرَ الأشخاص الذين ولدوا مكفوفين، أن الموز أصفر، لكن الباحثين في جامعة جونز هوبكنز وجدوا أنهم مثل أي شخص مبصر، يفهمون أن موزتين على الأغلب ستكونان من نفس اللون، ولماذا. عند التشكيك في الاعتقاد الذي يعود إلى الفيلسوف جون لوك بأن الأشخاص الذين ولدوا مكفوفين لا يستطيعون حقاً فهم الألوان، أظهر فريق علماء الأعصاب الإدراكية أن الأفراد المكفوفين والمبصرين في الواقع يفهمونها بشكل مشابه تماماً.

قالت كبيرة المؤلفين مارينا بيدني: “المفهوم الشائع الذي يعود تاريخه إلى لوك هو أن الشخص الكفيف يمكن أن يتعلم الحقيقة الافتراضية بأن لون نبات الماريغولد”أصفر” والطماطم”أحمر” لكنه سيبقى فاقداً للفهم العميق للون”. “الفكرة كانت هي أنه لكي تعرف شيئاً ما،عليك أن تراه بنفسك، وبدون رؤية، فإنك تلتقط حقائق ضحلة من خلال التحدث إلى الناس. تشير هذه الدراسة مع المكفوفين إلى عكس ذلك. إن التحدث إلى الناس ينقل فهماً عميقاً للون أفضل من حقائق إفتراضية عنه.”

نُشرت النتائج في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences.

في تجربة من مرحلتين، تم سؤال بالغين من المكفوفين والمبصرين عن اللون المعتاد لعدة أشياء (الحقائق الافتراضية)، ولماذا كانت بهذا اللون، وعن احتمال أن يكون اثنان من تلك الأشياء المختارة عشوائياً من نفس اللون. كانت الأشياء عبارة عن مزيج من الأشياء الطبيعية (فاكهة ونباتات وأحجار كريمة) وأشياء من صنع الإنسان (قلم، عملة ورقية، شارة وقوف).

على الرغم من أن المشاركين المكفوفين لم يتفقوا دائماً مع الأشخاص المبصرين حول حقائق الألوان الافتراضية، على سبيل المثال، أن الموز كان أصفراً، إلا أن تفكير الأشخاص المكفوفين حول السبب في أن لون الموز أصفر والأحكام حول احتمالية أن يكون اللونان متماثلين في موزتين (الإستمرارية) وجده فريق البحث متطابقاً مع الأشخاص المبصرين. بقيت النتيجة ذاتها عند اختيار أشياء مختلفة، بما في ذلك تلك الملونة لأسباب محددة، مثل شارات التوقف والعملات وحتى فساتين الزفاف.

قالت المؤلفة الرئيسية جودي كيم، وهي خريجة سابقة من جامعة جونز هوبكنز وهي الآن زميلة ما بعد الدكتوراه في جامعة ييل، بأن الأفراد المكفوفين والمبصرين أظهروا أيضاً نفس عمق الفهم في شرح سبب وجود ألوان معينة للأشياء.

كان لون الدببة القطبية أحد الأمثلة التي أوضحت التجربة. قال جميع المشاركين المبصرين إنها بيضاء لتندمج مع بياض الثلج ولكن عدداً قليلاً من المشاركين المكفوفين قالوا إنها سوداء لامتصاص الحرارة والبقاء دافئة. قالت كيم: “يقدم الأفراد المكفوفون تفسيراً متماسكاً للون الدب القطبي حتى عندما لا يتفقون مع المبصرين على لون معين للدب القطبي”.

بعد ذلك ، طلب الفريق من المشاركين إجراء تنبؤات حول ألوان أشياء خيالية لم يروها أو يسمعوا بها من قبل في سيناريو بعنوان “مستكشف في جزيرة”. قالت كيم: “أردنا أن نرى كيف يفكر الناس في أشياء لم يختبروها من قبل”. “إنها طريقة رائعة لاختبار عمق فهم الأشخاص للألوان.”

أخبر الفريق المشاركين عن أشياء موجودة في جزيرة نائية حيث لدى الناس لغتهم وأدواتهم وآلاتهم وعاداتهم الخاصة وما إلى ذلك، كما أن بيئة الجزيرة فريدة من نوعها. سمع المشاركون عن أشياء مثل “جوهرة خضراء شائكة في حجم اليد” و “أداة مثلثة الشكل، صفراء وبحجم الإبهام”، ثم سألوا عن مدى احتمال أن تكون واحدة أخرى من نفس الأشياء بذات اللون.

أصدر الأشخاص المكفوفون والمبصرون أحكاماً متطابقة حول هذه الأشياء الجديدة، مما يدل على أن معرفتهم بالألوان تُعمم على أمثلة جديدة ولا تعتمد على الحفظ.

في دراسة حديثة ذات صلة، وجد الفريق بالمثل أنه في حين أن المكفوفين لم يروا حيوانات مثل الفيلة والأسود، فإنهم يقومون بتخمينات مستنيرة حول مظهرها بناءً على فهم لماذا تبدو الحيوانات بالشكل الذي هي عليه (على سبيل المثال، الثدييات التي تعيش على الأرض لديها أرجل).

تود بيدني بعد ذلك تحديد كيفية التعامل مع معرفة الألوان في الدماغ، كما تريد العمل مع الأطفال المكفوفين لمحاولة معرفة كيف ومتى يكتسب المكفوفون والمبصرون فهمهم للون.

“نحن نفترض أنه عبر التعلم العرضي خلال المحادثة والقراءة، ولكن متى يحدث ذلك بالضبط؟”. هل يتعلم الأطفال المكفوفون والمبصرون هذه المعلومات بنفس الطريقة؟ هل هناك اختلافات مرتبطة بالنمو حيث يكتسب الأطفال المبصرون المعلومات في سن مبكرة قبل أن يستخدموا اللغة، ويكتسبها الأطفال المكفوفون فقط بعد أن يتعلموا النطق ثم يلحقوا بالآخرين؟”

شارك بالبحث بريانا أهايمر، مساعدة الأبحاث السابقة بجامعة جونز هوبكنز، وفيرونيكا مونتاني مانرارا، وهي طالبة سابقة في جامعة جونز هوبكنز تدرس حالياً في برنامج التخرج بجامعة نورث وسترن.

تم نشر هذه المقالة في الأصل في جامعة جونز هوبكنز.